فـ"مجاهد" هذا الطفل ذو الملامح الهادئة ولد اليوم للأسير القدرة عبر نطفة مهربة من داخل سجون الاحتلال، وهي الوسيلة التي اتجه اليها الكثير من الأسرى الفلسطينيين بخاصة أصحاب الأحكام العالية، لإنجاب الأطفال حتى وهم داخل السجن، في طريقة تَحَدٍّ لكيان الاحتلال التي تسعى لهدم أي صلة بين الأسير وذويه.
وتقول شقيقت الاسير القدرة، التي بدت عليها الفرحة العارمة: "اعتُقل شقيقي في الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، وفكرت عائلته في انجاب طفل له من خلال نطفة مهربة كما باقي الأسرى، حيث تكررت المحاولة فيما سبق، إلا أنها نجحت هذه المرة".
وتشير القدرة إلى أن الفرحة كبيرة بوجود "مجاهد"، معربةً عن أملها في أن تكتمل الفرحة بخروج شقيقها أبو مجاهد من سجون الاحتلال.
وعبّرت القدرة عن حزنها، لفقدان والدة الأسير التي توفيت وهي تتمنى أن ترى أطفالاً لنجلها محمد.
واضطُر العشرات من الأسرى، في ظلّ الأحكام العالية التي تفرضها إسرائيل بحقّ الأسرى الفلسطينيين والتي تصل إلى الحكم بالمؤبد (مدى الحياة) أو لسنوات طويلة يخرج معها الأسير مُسِنّاً، وبالتالي تمنعهم من تحقيق هدفهم بالإنجاب، فالبعض منهم يموت وهم داخل السجون دون أن يتحقق حلمهم بالخروج من السجن والإنجاب.
وابتكر بعض الأسرى طريقة تمكّنهم من الإنجاب وهم داخل السجون، وذلك عن طريق تهريب السائل المنوي أو ما يُعرف بالنطفة المهرَّبة التي يتم تلقيحها في زوجة الأسير بإشراف أحد مراكز الإخصاب الموجودة داخل قطاع غزة.
بدوره يقول أحد علماء الازهر، الشيخ الدكتور عماد حمتو: "تُعتبر قضية تهريب النطفة إحدى صور الجهاد في سبيل الله والإبداع الفلسطيني الذي يشقّ الأسرى من خلاله الطريق إلى إنشاء حياة جديدة لهم خارج السجن والقدرة على الثبات بخاصة أن العديد من الأسرى هم من أصحاب الأحكام العالية والتي تمنعهم إسرائيل من أن يتواصلوا مع ذويهم، وترفض الخلوة الشرعية بينهم وبين زوجاتهم".
ويضيف حمتو: "لا يتعارض تهريب النطفة الخاصة بالأسرى مع الشريعة الإسلامية، فهو يحقق مبدأً شرعيّاً وَفْقاً لشروط ينبغي بها أن تكون واضحة وثابتة من الناحية الشرعية والطبية، بحيث يتأكد الطبيب الذي يقوم بزرع هذه النطفة من شهادة الشهود وحلف اليمين من أن هذه النطفة تعود للأسير المراد زراعة هذه النطفة في رحم زوجته، حتى لا يتسرب أي مفهوم من مفاهيم الشبهة في هذه القضية، وقد صدر عديد من الفتاوى وَفْقاً لمرجعيات دينية من خارج فلسطين وداخلها بجواز طريقة الإنجاب.
واختتم حديثه قائلاً: "المسألة من الناحية الدينية تتناسب معها من الناحية الوطنية، فالأسرى هدفهم هو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فهذا الشيء يعمل على زراعة الأمل في نفوس الأسرى من أجل الصمود ومواصلة النضال حتى نيل الحرية وإدراك الأسير بأن له أبناء خارج السجن".
