وصف قدرة الله أحمدیان الأستاذ الجامعي والخبیر فی الشؤون الدولیة، فی مقابلة مع وکالة ایرنا الإیرانیة، الإبتعاد عن التزامات الاتفاق النووي کجزء من استراتیجیة واعیة وعقلانیة، بأنه عامل قوة واضافي لايران في التفاوض مشيرا الى أنّ الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهم الإقليميين ليس لديهم خيارا سوى استخدام الدبلوماسية لحل القضايا مع إيران.
وأضاف "قدرة الله أحمديان" في إشارة إلى آخر المستجدات بشأن الاتفاق النووي وتعليقات بعض المسؤولين الأمريكيين والغربيين على هذه الاتفاقية: کل من الولایات المتحدة وإیران أعلنوا بشکل صريح تقريبًا، بأن الجانبان، وبطریقة ما، اشترطوا حل الموضوع بإعتماد السلوکیات " المناسبة" مقابل وضع شروط.
وأضاف: "الولايات المتحدة جعلت العودة إلى الاتفاق النووي مشروطة بقيام إيران بالتزاماتها بموجب الإتفاق والتحقق من هذه القضية. طبعا، أثار الأمريكيون العديد من القضايا خارج الاتفاق النووي، لكن يبقى اصرارهم الاكبر على عودة إيران إلى الإتفاق النووي. وتابع أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "الرازي" في كرمانشاه: "من جانب آخر، تطالب إيران أيضًا الولايات المتحدة بالعودة إلى الإتفاق النووي ورفع العقوبات عملياً، وتشترط إختبار مدی صحة هذا الموضوع، أي رفع العقوبات. واشار أحمديان إلى أنه تم تأجيل مسألة رفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة والوفاء بالتزامات إيران في الاتفاق النووي، قائلاً: اٍن هذا الموضوع یعقد الأمور کثیراً لأن إختبار مدی صحة التعهدات من جانب الطرفین، سیستغرق زمن طویل وسیکون تحديًا، وعلینا أن نری کیف ستدير الأطراف هذا الأمر في المستقبل.
وأضاف أحمدیان :ما أفهمه هو أن الولايات المتحدة لن تتنازل ببساطة عن العقوبات التي فرضها ترامب على إيران ظلماً، لأن الجهات الفاعلة في الدبلوماسية والعلاقات الدولية تخضع للعقلانية على أساس الربح والخسارة و هم مصرّون على الحصول على معظم الإمتیازات بأقل تكلفة.
وأشار كبير المحللين في الشؤون الدولية، إلی سياسة الضغط الأقصى في عهد دونالد ترامب وتابع: ستحاول الولايات المتحدة إستخدام ما سمي" الإنجازات الدبلوماسية لترامب ضد الجمهورية الإسلامية "للضغط على إيران وكسب المزيد من الإمتیازات. وأكد أحمديان علی التحرك الأخیر للحكومة والبرلمان الإیرانی بشأن الإبتعاد عن الاتفاق النووي، واصفا أیاه بالخطوة المنطقية، وأضاف: "كثفت الجمهورية الإسلامية جهودها بشأن إنسحابها من الإتفاق النووي بشكل صحيح ومنطقي بعد الانتخابات الأمريكية". فقرار مجلس الشورى الإسلامي الأخير بشأن "العمل الاستراتيجي لرفع العقوبات وحماية حقوق الشعب الإيراني" خطوة إيجابية ومفيدة للغاية، حتى لو تم تبنيه وفق استراتيجية واعية وعقلانية، وهذا النمط يزيد من قدرة إيران التفاوضية في المستقبل .وقال: إن إيران، في الواقع، وبطريقة معقولة ومنطقیة، ابتعدت عن الاتفاق النووي، بحيث إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل" إنجازات ترامب الدبلوماسية"، فإن الجمهورية الإسلامية ستبتعد أكثر عن الإتفاق النووي. ویبدو إيصال هذه الرسالة مهم للغاية في الدبلوماسية وسوف يزيد من قدرة طهران التفاوضية. وتابع كبير الخبراء في الشؤون الدولية: في وقت تنفيذ الإتفاق، كان مستوى التخصيب في إيران أقل من أربعة إلى خمسة في المائة.لکن في الوقت الحالي وصلت نسبة التخصيب إلی 20 % وهناك مناقشات حول إنتاج معدن اليورانيوم وتعليق تنفيذ البروتوكول الإضافي وهذه تطورات سترفع قدرات ایران الدبلوماسية المتعلقة بالإتفاق النووي.
وقال أحمديان: إذا تابعنا القضية بطريقة محسوبة وواعیة وتحت السیطرة، فسيتعين على الولايات المتحدة تقديم المزيد من التنازلات لإيران، والتوجه أکثر بالتفاوض والعودة إلی الاتفاق النووي مضيفًا أن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات على إيران مقابل التزامات بسيطة. يبدو أنّ هذا الصراع على المدى القصير سيشتد ويتصاعد على شكل "أزمة معقدة" حتى يصل الأطراف إلى نقطة "الجمود المزعج" وهذه هي "اللحظة" التي يمكن أن تبعث الأمل وتؤدي إلى حوار حقيقي لحل المشکلات العالقة.
وأضاف: لو لا إبتعاد إيران عن الاتفاق النووي بعد الانتخابات الأمريكية، لكانت يدها الأن فارغة من الدبلوماسية، أما فالابتعاد عن الاتفاق النووي الحالي خلق نوع من الدبلوماسية النشطة، وربما تستطیع إیران بخطواتها الواعیة والمنطقیة بشأن تخفیض الالتزامات بموجب القرار البرلماني الاخیر، ارغام الأوروبیین والأمریکیین علی التراجع عن موافقهم.
وأشار أحمديان إلى ارتباط التعقيدات في الاتفاق النووي بالمتغيرات المؤثرة في هذه القضية على مستوى النظام الدولي وقال: يبدو أنه علينا الإنتظار على المدى البعيد لكي نرى كيف سترفع الولايات المتحدة العقوبات، وأی نوع منها وعلی أي مستويات، وبطبیعة الحال تأثير جمیع هذه القضايا علی نوع رد الفعل الايراني. وأشار أنه حسب المنطق لا یوجد طریقة أخری أمام الغرب سوی التفاوض والحوار، قائلاً: علی إیران وأمیرکا حل مشاکلهم بالتفاوض أو یقبلون الخیار العسکری، لکن سيختارون بالتأكيد الدبلوماسية والحوار بسبب تكاليف المواجهة العسكرية لجميع الفاعلين الإقليميين والدوليين. وتابع أحمدیان أن هناك ثلاث عوامل مرتبطة بالأزمات الدولية: أن يتم حلها للوصول الى تسوية واضحة وحقيقية؛ أو أن تؤدي إلى حالة من التوتر وحتی المواجهات العسكرية، أو أنها تستمر في الجمود دون تسوية وهذا هو الحال الان.
أشار أحمديان إلى نظرية "المأزق المزعج" لوليام زارتمان وأضاف: "وفقًا لنظرية زارتمان، ربما نكون قد وصلنا إلى"طریق مسدود ومزعج "مع الولايات المتحدة حتى يشعر الأطراف أن یکفینا من التوترات والمشکلات وأن لیس هناك إيجابيات وسلبيات لهذه المواجهة. قلق الجانبان من تصعيد الأزمة نحو كارثة علی صعید مختلف النواحي الاقتصادية أو الأمنية أو العسكرية، مما يرغم الجانبان على التحرك أخيرًا نحو الحوار لمنع وقوع الكارثة.
وأضاف: إن إيران والولايات المتحدة ودول المنطقة تعلم أن أفضل طريقة لحل الأزمة الوهمية بشأن إيران هي من خلال الحوار والتفاوض وأي عمل آخر قد يكون مكلفا للاعبين الإقليميين والدوليين".
وتابع الإستاذ الجامعی علی إن التوترات ستستمر على المدى القصير، قائلا: حسب الأصول والقواعد، يجب أن نتوصل إلى المصالحة وإیجاد التوافق" على المدى المتوسط.
ووصف أحمديان الارتباط بين القضايا النووية والقضايا الصواريخ والسياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية من قبل الغرب بأنه عامل تعقيد للقضية وقال: إن الجمهورية الإسلامية تريد حل القضية النووية بمعزل عن القضايا الإقليمية وأن بشکل أساسي لم یحدث أي حوار حول قضايا الصاروخیة. لذلك، من الممكن أن يتم إحياء الاتفاق النووي، وفي أجوأ جدیدة، ستجرى محادثات بين إيران ودول المنطقة بشأن القضايا الإقليمية بحضور القوى العظمى، وتصل إلی حل مناسب للمشکلات العالقة في المنطقة.
وتابع أحمدیان لا يوجد طريق آخر للمضي قدما غير الدبلوماسية لدول المنطقة وإيران والقوى العظمى، وأضاف عندما یتعلق الأمر بالأوروبیین یصبح الموضوع أکثر تعقیدا، والذین طالبوا بعودة الویالات المتحدة إلی الإتفاق النووي في عهد ترامپ، هم الان قلقیین بشأن عودة بایدن السریعة الی الاتفاق النووي ویحاولون منع حدوث ذلک وجعل دخول الولایات التحدة الی الاتفاق النووی مشروطاً.
وقال محلل الشؤون الدولية عن تأثير السعودية الكيان الصهيوني وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين في المنطقة على كيفية عودة الولايات المتحدة إلى الإتفاق النووي . من وجهة نظر حلفاء الولايات المتحدة، إن عودة بايدن غير المشروطة إلى الإتفاق النووي ستلحق الضرر بمصالحهم؛ لذلك فإن الكيان الصهيوني والسعودية ودول أوروبية مثل فرنسا لا تعتبر هذه الخطوة مناسبة، وتريد خلق وضع جديد وإیجاد توافق جديد یشمل القضايا النووية والإقليمية والصاروخية.
وتابع أحمدیان: من الطبيعي أن يؤدي هذا النهج الأوروبي وماكرون إلى تعقيد الأمور كثيرًا، مضيفًا: لقد أعلنت الجمهورية الإسلامية صراحة أنها ليست على استعداد لربط القضايا الإقليمية والصاروخية بالإتفاق النووي". من الممكن أن تقبل إيران الحوار حول القضايا الإقليمية، لكن تعتبر الحوار حول قضايا الصواريخ خط أحمر بالنسبة لها.
وأنهی احمدیان کلامه قائلاً: "بالحصیلة، إذا نظرنا إلى الأجزاء المختلفة من هذا المموضوع، فإن التعقيدات التي كانت موجودة قبل الاتفاق النووي علي صعيد القضايا النووية الإيرانية لا تزال قائمة؛ أي أن هناك مشاكل قديمة، وهناك مشاكل جديدة آخذة في الظهور، لكن في النهاية، لا خيار أمام الأمريكيين والأوروبيين وحلفائهم الإقليميين سوى استخدام الدبلوماسية والحوار لحل مشاكلهم مع إيران.
ترجمة مركز الإتحاد للأبحاث و التطوير
قدرة الله احمديان /وكالة ايرنا الإيرانية