تطور ديناميكيات الحرب في سوريا
يرى الكاتب أن بذور التحديات الأمنية التي نشأت بسبب داعش بدأت منذ العام 2003 عندما ساعد النظام السوري على مواجهة التحدي الذي شكلته القاعدة والإسلاميين المتشددين (عبر عنهم على أنهم أسلاف داعش) على التدخل الأمريكي في العراق.
► دور معتقلي صيدنايا
في أوائل العام 2011 عندما بدأت الاحتجاجات في سوريا ، أطلق النظام السوري سراح الإسلاميين السوريين السابقين كجزء من برنامج العفو، فبرز هؤلاء كنشطاء قاموا بتعكير الرسالة السلمية للمتظاهرين وسعوا للانتقام من التعذيب والظروف البائسة التي تعرضوا لها أثناء احتجازهم في سجن صيدنايا سيء السمعة. وقاموا بتشكيل جماعات كمها أحرار الشام التي اعتبرت جذورًا لجبهة النصرة، على الرغم من اختلافهم حول معتقدات وتكتيكات. ويرى الكاتب أن سجناء صيدنايا السابقين عملوا كعناصر تمكين للدولة الإسلامية في العراق والشام.
► إدخال إيران وحزب الله
يذكر الكاتب أن نظام الأسد طلب مساعدة عسكرية من حلفائه في حزب الله اللبناني والايرامي عام 2012 عندما خسر بعض الأراضي لصالح الجماعات المحلية المتمردة بالإضافة إلى الإسلاميين والجهاديين الذين حصلوا على موارد وتدريب أفضل. ثم بدعم من ايران تم تجنيد أعداد كبيرة من الشيعة الأجانب في أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان وأماكن أخرى، الأمر الذي ساعد على ترسيخ سرد طائفي أوسع للصراع. وبدأ الإسلاميون من الخليج ينظرون إلى الصراع السوري من منظور تنافسهم مع إيران، وبالمثل كان الإسرائيليون قلقين بشأن قرب القوات الإيرانية من حدودهم واستخدام الأراضي السورية لنقل الصواريخ الدقيقة لحزب الله، أدى إلى اندلاع "حملة بين الحروب" نفذت فيها إس الصواريخ الدقيقة لحزب الله، أدى إلى اندلاع "حملة بين الحروب" نفذت فيها إسرائيل أكثر من مئة غارة جوية ضد هذه البنية التحتية.
► شراكة الولايات المتحدة مع الأكراد السوريين
يرجح الكاتب أن الولايات المتحدة كانت تفضل العمل مع الجماعات المتمردة الخاضعة لفحص وكالة الاستخبارات المركزية كشركاء محليين رئيسيين لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. إلا أن هؤلاء كان تركيزهم الأساسي على محاربة الأسد، كما أنهم كانوا إما بعيدين جدًا عن خطوط المواجهة الإقليمية لداعش أو كانت لديهم علاقات عمل مع الجماعات المتطرفة التي اعتبرت إشكالية. فاختارت واشنطن الشراكة مع وحدات الحماية الشعبية وهو الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي المصنف إرهابيا لدى الولايات المتحدة، ويعتبر تابعًا لحزب العمال الكردستاني وهو عدوّ لتركيا حليف الولايات المتحدة، فشكلت تحالفًا أوسع مع مجموعات مسيحية عربية وسريانية بالإضافة إلى الأكراد وشكلت قوات سوريا الديموقراطية.
► القوة الجهادية، القوة الروسية، والمنافسة التركية الكردية
بهدف السيطرة على محافظة إدلب شمال غرب سوريا عام 2015، تجمعت القوات المتمردة الأقوى المناهضة للنظام - ولا سيما جبهة النصرة وأحرار الشام لإنشاء تحالف جيش الفتح. وكان من أسماهم الكاتب "الداعمون الخارجيون للتمرد" يأملون أن يؤدي هذا التقدم إلى الضغط على نظام الأسد لكن النتيجة كانت هيمنة جبهة النصرة وحلفائها على شمال غرب سوريا. الأمر الذي دفع الرئيس السةري إلى الدعوة إلى التدخل الروسي المباشر. دعمت تركيا مختلف فصائل الثوار والمتمردين ضد نظام الأسد خلال الصراع ، وهو نهج وضع روسيا وتركيا في مرمى نيران بعضهما البعض. إلى ذلك أدى نجاح الحملة ضد داعش التي نفذتها بشكل أساسي قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة إلى تصعيد مشاكل تركيا مع كليهما، لأن القوات ذات الأغلبية الكردية تسيطر الآن على مساحة كبيرة من الأراضي على الحدود التركية.
► الوضع الحالي للعب
يرى الكاتب أننا في العام 2021، لا يزال هناك عدد من الصراعات المجمدة ومنخفضة الغليان تظهر حيث تنافس القوة وتتداخل قضايا الإرهاب، ذلك أن الوكلاء لا يزالون نشطين، والمنافسة على السلطة ترتبط بالإرهاب، يشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة فصل الإرهاب عن الجغرافيا السياسية من خلال جعله لا نقطة انطلاق في العلاقات الدولية، لكن أخطاء واشنطن نفسها في العراق وسوريا جعلت هذا الانقطاع مستحيلاً. في الواقع، يواصل العديد من الجهات الفاعلة اعتبار الجماعات الإرهابية وكلاء يشكلون إما جزءًا من فن الحكم الخاص بهم أو من خصومهم.
إذن، أين تقف الأمور بين هؤلاء الممثلين المختلفين في بداية عام 2021؟
► الولايات المتحدة وروسيا
يريد كلا البلدين التأثير على مستقبل النظام السياسي في سوريا، لكن لديهما رؤى متنافسة حول ما يجب أن تركز عليه جهود مكافحة الإرهاب. تخشى الولايات المتحدة من تعزيز الدولة الإسلامية حديثًا، وشبكة عمليات خارجية للقاعدة، واحتمال اكتساب شبكة وكلاء إيران مزيدًا من القوة في المنطقة. تنظر روسيا إلى العناصر المتمردة التي تحارب النظام، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، على أنها المشكلة الأساسية المتبقية. كما ترغب روسيا في ترسيخ "انتصار" الأسد العسكري المزعوم كأمر واقع داخل المجتمع الدولي، وتحديداً من خلال إضفاء الشرعية على النظام لتلك الدول التي تخلت عن العلاقات الدبلوماسية معها على مدى العقد الماضي ومن خلال المساعدة في جهود إعادة الإعمار.
► تركيا والولايات المتحدة
في ضوء العلاقات بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية، أصبحت العلاقات بين واشنطن وأنقرة، وهما حليفان مقربان سابقًا، متوترة للغاية. أدت الروابط التاريخية لوحدات حماية الشعب الكردية مع حزب العمال الكردستاني، والحملة الإرهابية المنخفضة المستوى كما يصفها الكاتب، التي شنتها هذه الأخيرة في تركيا على مدار السنوات القليلة الماضية، إلى خلق مأزق بين الولايات المتحدة وتركيا.
► إيران والولايات المتحدة
يشير الكاتب إلى أن المنافسة الإقليمية موجودة منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وأن الولايات المتحدة تريد الحد من أهداف إيران الثورية عبر الإقليمية. في شرق سوريا على وجه التحديد، تريد إيران أن تتمركز في دائرة نفوذ الولايات المتحدة من خلال تقويض أمن المنطقة. وتهدف إلى تحقيق ذلك من خلال الحرس الثوري الإسلامي وشبكته العميلة للميليشيات الشيعية كما يسميها، والتي لها موطئ قدم في محافظة دير الزور ، على الجانب الآخر من نهر الفرات من قوات سوريا الديمقراطية والوجود الأمريكي. يحلل الكاتب إلى انه يمكن لقوات الجمهورية الإسلامية وحلفائها دفع قوات سوريا الديمقراطية أبعد من ذلك في شمال شرق سوريا، مما يؤدي في النهاية إلى تأمين الحدود السورية العراقية لربط شبكاتها في إيران والعراق وسوريا ولبنان.
► إسرائيل وإيران
يعتبر الكاتب أن "إسرائيل" وإيران تتنافسان حاليًا على السيادة في بلاد الشام. إذ ترى "إسرائيل" شبكة متنامية من الوكلاء الإيرانيين على حدودها، وحزب الله اللبناني المعزز بقدرات حربية جديدة، وقدرة المجموعة على أسلحة أكثر دقة، باعتبارها تهديدات خط أحمر.
نحو سياسة سورية أكثر ذكاءً واستدامة
لا توجد حلول سهلة في سوريا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الديناميكيات الموضحة للتو. يرى الكاتب أن أي محاولة لتقييد بلد أو فصيل أو تمكينه، تخلق انفتاحًا محتملاً على دولة أخرى. وبالتالي، من المهم لواضعي السياسات أن يحددوا بدقة المصالح الأمريكية في سوريا قبل حشد الموارد والأساليب المحددة لتحقيق تلك الغايات.
يضيف الكاتب إلى أن جوهر مشاكل سوريا هو النظام نفسه، ويجب على صانعي السياسة أيضًا محاولة فهم النظام حقًا، بدلاً من مجرد الأمل في تحقيق أفضل النتائج. يخوض النظام في سوريا صراعًا وجوديًا من أجل البقاء، لذلك سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن الأسد وعائلته سيستقيلون ببساطة ويتنحون. وبالتالي، فإن النهج الدبلوماسي البحت للنظام سيفشل في تحقيق العدالة لملايين السوريين المتضررين. كما أن على مع حركة طالبان في أفغانستان، والغزو الخاطئ للعراق الذي ساعد على تمكين كل من داعش وإيران، والتدخل السيئ التخطيط في ليبيا صانعي السياسة أن يدركوا حذر الجمهور الأمريكي من الحرب، خاصة بعد عقدين من الجمود، ويؤكد الكاتب أن أي تدخل في سوريا يشبه أيًا من تلك الحالات لن ينجح. ولكن يمكن بذل جهود معينة من شأنها أن تزيد بشكل كبير من عدم الراحة بالنسبة إلى النظام وحلفاؤه ومن بينهم المقاربات الدبلوماسية والإنسانية والقانونية والاقتصادية والعسكرية.
► النهج الدبلوماسي
برأي الكاتب، سيتطلب النهج الدبلوماسي الفعال أن تحصل الولايات المتحدة على منزلة خاصة بها في مواجهة حلفائها الإقليميين. لاعبان رئيسيان على الجبهتين الشمالية والشرقية للحرب: تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، وهما حليفان للولايات المتحدة، لكنهما ينظران إلى بعضهما البعض بعدم ثقة، والعداء في بعض الأحيان. بالنظر إلى هذا التحدي، يجب على الدبلوماسيين الأمريكيين جمع مبعوثين من كل من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية للسعي لحل معارضتهم الصريحة لبعضهم البعض. على وجه الخصوص، يمكن للولايات المتحدة وتركيا محاولة الاستفادة من الدروس المستفادة من التعاملات السابقة بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان في العراق. إلى ذلك هناك مجال آخر يجب متابعته وهو التواصل مع النشطاء في سوريا من العلويين والدروز والمسيحيين والإسماعيليين وغيرهم من الأقليات.
► النهج الإنساني
إن وجود شمال وشرق سوريا أكثر استقرارًا - بعيدًا عن قبضة النظام وحلفائه - سوف يستلزم دفعًا لمزيد من المساعدة في تلك المناطق.
► النهج القانوني
بسبب انتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي ارتكبها نظام الأسد وحلفاؤه، يجب على الولايات المتحدة العمل مع شركائها الأوروبيين لرفع قضايا ضد الجناة، لرفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية. بالإضافة إلى ذلك، إذا كان لدى أي من هؤلاء الأفراد إقامة أجنبية أو لديهم أموال في البنوك الأجنبية - وخاصة في أوروبا - يجب تجميد أصولها وحظر سفرها.
► النهج الاقتصادي
لتعزيز نظام بديل في سوريا خالٍ من سيطرة نظام الأسد، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها المساعدة في جهود إعادة الإعمار، ولكن فقط في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام.
► النهج العسكري
لتعزيز موقف الولايات المتحدة في شرق سوريا، وتسهيل علاقات أفضل بين الإدارة الذاتية للشمال وشرق سوريا والقبائل المحلية، لا سيما في محافظة دير الزور، يجب على الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية إنشاء "مجالس صحوة" مماثلة لتلك الموجودة في العراق التي قاومت تنظيم الدولة الإسلامية السابق.
خاتمة
يرى الكاتب أن كل هذه الوصفات السياسية يجب أن تتصدى لمقاومة أعداء من مختلف الأطياف. ولكن إذا تم النظر في هذه السياسات بجدية وتنفيذها بشكل منسق، يمكن للولايات المتحدة أن تستعيد نفوذها داخل مساحة الصراع هذه. سيكون هذا النفوذ أكثر انسجامًا مع المصالح الأمريكية منه مع مصالح الخصوم روسيا وإيران ونظام الأسد. يمكن أيضا تسهيل المزيد من الضغط على الأسد - وربما - إرساء الأساس لنقل السلطة إلى قيادة سورية أكثر تمثيلا وديمقراطية.
مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير
آرون واي زيلين - معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى