إمكانية وقف الحرب في اليمن و تداعياتها

أدى التدخل العسكري لقوى العدوان بقيادة السعودية في اليمن إلى أزمة سياسية وعسكرية وإنسانية مستعصية . بدأ الحديث في الإدارة الأمريكية بقيادة بایدن ، منذ أيام ، عن ضرورة وقف الحرب في اليمن ، مع ما يحمل هذا القرار من تداعيات مباشرة على الوضع في اليمن وعلى علاقته بجيرانه إضافة إلى العوامل المؤثرة سياسيا وإقليميا ودوليا في مستقبل اليمن . تقدم هذه الدراسة مراجعة عامة لتداعيات الأزمة اليمنية ، مع تحليل الأسباب وقف الحرب المرتبطة بالفشل السياسي والاستنزاف العسكري لقوى العدوان ، مع مراجعة المكتسبات قوى العدوان المرتبطة بخطة تقسيم اليمن والسعي إلى احتواء حركة المقاومة اليمنية التي باتت تشكل خطرا واضحا يهدد المصالح الأمريكية كما يهدد أمن إسرائيل . كما تطرح الدراسة ، رؤية استشرافية لما بعد وقف الحرب المحتمل وتداعياته على اليمن وشعبه ومقاومته وعلى المنطقة .
کد خبر: ۱۰۳۵۱۳۵
|
۲۹ بهمن ۱۳۹۹ - ۱۸:۳۳ 17 February 2021
|
5999 بازدید

إمكانية وقف الحرب في اليمن و تداعياتها

• تراجع الخطاب الأمريكي المؤيد والداعم للعدوان على اليمن :

بدأت الإدارة الأمريكية الجديدة بالتحظير إلى تنفيذ توجهات جديدة في السياسة الخارجية في عدة ملفات ، من أهمها ملف الحرب على اليمن ، الذي يبدو أن معالجته ستتخذ خيارات مختلفة ومغايرة تماما لما اعتمدته الإدارات السابقة . كشفت الأوساط الأمريكية عن رغبة الإدارة الجديدة وحاجتها إلى إيقاف الدعم للأنشطة السعودية في اليمن ، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى إبعاد شريك خليجي رئيسي خاصة إذا استؤنفت المفاوضات النووية الإيرانية . يبدو أن هناك رغبة واضحة لدى الإدارة الجديدة في مساعدة السعوديين بهدوء على الخروج من الصراع العسكري ومحاولة خلق توازن قوى في الصراع بين السعودية من جهة وحركة أنصار الله من جهة أخرى . ما هو واضح من الماضي هو أن الدبلوماسية الأمريكية مع الرياض ، والخطاب حول الحلول التفاوضية ، ودعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة ، لم تفعل شيئا يذكر لليمنيين . لقد فشلت السياسة الأمريكية السابقة ، لذلك يتعين على إدارة بايدن الآن إظهار قيادة ذكية وصارمة لإبقاء الشركاء الإقليميين مواكبين لتحركها لتحقيق أهداف الولايات المتحدة في اليمن والمنطقة.
أعلن جو بایدن انتهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية التي تقودها السعودية في اليمن ، كجزء من إصلاح شامل للسياسة الخارجية الأمريكية السابقة . وأشار الى أن الولايات المتحدة لن تكون حليفا قويا بعد الآن لممالك الخليج . كما ذكر في خطاب إلى وزارة الخارجية " أمريكا عادت " ، منهيا أسبوعين من التغييرات الدراماتيكية في السياسة الخارجية منذ تنصيبه في 20 يناير 2021. إن الصراع في اليمن ، الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف يمني وشرد 8 ملايين ، " خلق كارثة إنسانية واستراتيجية . " هذه الحرب يجب أن تنتهي ، ولتأكيد التزامنا ، فإننا ننهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في حرب اليمن ، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة "

مع كل ما أشار اليه بایدن في خطاباته أكد مرة أخرى ، بأن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم الدفاعي للسعودية ضد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة من قبل القوات المدعومة من إيران . كما ستواصل القوات الأمريكية عملياتها ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية . ومن أجل إعادة بناء القيادة الأخلاقية " الأمريكا التي يحمل شعارها بایدن ، أكد على أنه سيعيد أيضا برنامج اللاجئين الأمريكي وانه أعلن عن اصدار أمر تنفيذي سيزيد عدد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة إلى 125000 في السنة المالية الأولى لإدارته

طرحت الإدارة الأمريكية الجديدة العديد من الالتزامات تجاه اليمن ، أولها الالتزام بإنهاء الحرب في اليمن التي اندلعت على مدى السنوات الست الماضية ، وهذا الالتزام من شأنه أن يحقق هدفين معلنين لإدارة جو بایدن القادمة مرتبطتين بمصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة الامريكية وهما :
▪︎استعادة الدور القيادي للولايات المتحدة في الشؤون الدولية

▪︎ تخفيف التوترات في الخليج .

التوترات في الخليج . ضحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما باليمن على مذبح تحقيق الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران وتأمين أهداف قصيرة الأجل لمكافحة الإرهاب من خلال الاعتماد بشكل كبير على استخدام الطائرات بدون طيار ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية . ثم بعد ذلك ، وافقت إدارة دونالد ترامب على الحجة السعودية الإماراتية بأن الحوثيين ، -بوصفهم وكلاء لإيران في اليمن كما تقول الادارة - كانوا عازمين على الاستيلاء على اليمن لمد نفوذ إيران إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر . كان التدخل السعودي على وجه التحديد - أولا في 2009-2010 نيابة عن الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح ، ومرة أخرى في عام 2015 في حرب التحالف - وهو الامر الذي دفع الحوثيين إلى للدفاع عن أنفسهم وعن اليمن ، فما كان يروج له في الاعلام الخليجي والغربي حينها كصراع داخلي على السلطة في اليمن تحول إلى صراع إقليمي خطير لم يجلب سوى الفقر والمرض والمجاعة . يبدو ما يشير اليه بعض المحللين ، أنه سيكون لدى إدارة بايدن فرصة التصحيح أخطاء الماضي من خلال تجنب المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة وانتشال اليمن من وضعه الحالي باعتباره أصبح يشير إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم .

• الخطاب السعودي - الاماراتي/ الأمم المتحدة

في ليلة 25-26 مارس / آذار 2015 ، أطلقت القوات الجوية السعودية أولى قذائفها على مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء ، وكانت هذه القوة بمثابة الجناح العسكري المزعوم ل " المجتمع الدولي " ، الذي أراد إعادة عبد ربه منصور هادي للسلطة في صنعاء ، بعد أن أطيح به في 21 سبتمبر 2014. كان هدف الحملة ، التي أطلق عليها اسم " عاصفة الحزم " ، هو كسر " الحوثيين " وهو الأمر الذي لم يتحقق على الأرض وأدى إلى هزيمة التحالف وتورطه في مستنقع جرائمه .
-يعد القرار رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي تم تبنيه في 14 أبريل 2015 ، أذنا على بياض سمح للسعودية من خلال التحالف بينها وبين عشرات الدول العربية والإسلامية كمصر والأردن والسودان والمغرب ، إضافة إلى دول الخليج ، باستثناء عمان ، بالعدوان على اليمن . وهكذا تم تقنين عملها العسكري ، وكذلك سيطرتها على منافذ الدخول والخروج من والى اليمن ، بما في ذلك فرض الحصار ، الذي سرعان ما أدى إلى تكلفة بشرية مروعة . يوصف هذا الحصار في كثير من الأحيان بأنه " أسوأ أزمة منذ عقود " ، وهي أزمة لا تزال الاستجابة فيها لحالات الطوارئ تعاني من نقص الموارد من الناحية الهيكلية . منذ ذلك الحين ، وبينما تقدر وكالات الأمم المتحدة عدد ضحايا القتال والكارثة الإنسانية ب 250 ألفا ، يظل الركود العسكري واضحا . إن القوى الغربية ، المتورطة بشكل خاص في عقود بيع الأسلحة ، تجد نفسها اليوم متورطة في مشروع حربي غير شریف وغير فعال . يعزى الفشل العسكري والسياسي للتحالف في المقام الأول إلى السعودية ، التي بالغ صانعو القرار الغربيون في تقدير قدرتها على السيطرة على الملف اليمني إلى حد ما في عام 2015. من دون قراءة مفصلة اللوضع فإن السعودية تتحمل المسؤولية كاملة عن الانتهاكات الجسيمة وعن جرائم الحرب المتكررة دون توقف في كل شبر من اليمن . منذ عام 2017 ، أدت هجرة عشرات الآلاف من العمال إلى المدن السعودية قبل وقت طويل من اندلاع الأعمال الحدانية ، إلى زيادة الاستياء الشعبي الذي سيجد السعوديون ، بقيادة ولي العهد ، صعوبة في نسيانه . أما على الصعيد الدولي ، فإن صعود بایدن إلى السلطة في الولايات المتحدة يهدد بمزيد من التوهين لموقف الرياض . فخلال الحملة ، أعلن الرئيس الأمريكي الجديد معارضته للحرب في اليمن وأدلى بتصريحات انتقد فيها بشدة الموقف السعودي ، مهددا بتحويلهم إلى " منبوذين " من " المجتمع الدولي " .

تتلمس السعودية الآن قبول التفاوض مع الحوثيين ، - تحت ضغط الهزيمة والتورط الذي تبحث عن مخرج له متمسكة بغطاء المبعوث الأممي إلى اليمن - وهم الذين باتوا اليوم في موقع قوة يتقدمون نحو مأرب ، آخر معقل العبد ربو هادي ، بثبات واصرار ، إلى جانب جهود وتصريحات الممثل الخاص للأمم المتحدة ، البريطاني مارتن غريفيث المربكة وغير المحايدة ، يناقش الدبلوماسيون السعوديون وضع الحدود المشتركة بين البلدين ، ويضغطون باتجاه القبول بمنطقة منزوعة السلاح والانسحاب من القرى السعودية . إن عدم قدرة السعودية على إنفاذ النص الموقع في نوفمبر 2019 في الرياض ، والذي كان من المفترض أن ينهي الصراع بين مؤيدي هادي والمجلس الانتقالي في الجنوب ، يظهر مرة أخرى هشاشة الموقف السعودي .
طورت الإمارات العربية المتحدة ، من خلال مشاركتها العسكرية في المناطق الجنوبية من اليمن ودعمها المباشر للمجلس الانتقالي الجنوبي ، سياسة تقويض للخيارات التي دافع عنها الوهابيون ، فقد دفع تدخل أبو ظبي في جزيرة سقطرى أو موانئ البحر الأحمر إلى ارتفاع منسوب المنافسة بين الحليفين المفترضين . ترمز العلاقات التي أنشأها الإماراتيون مع الجماعات المسلحة ، والقمع العنيف الذي يشجعون عليه ضد الممثلين المحليين للإخوان المسلمين الذي يجسده المؤتمر اليمني للإصلاح ، والذي لا يزال بعض قادته لاجئين في العاصمة السعودية ، إلى غياب نظام إقليمي أو قراءة مشتركة وحقيقية للقضايا والأولويات والتهديدات بين أعضاء التحالف ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن التحالف الذي أنشأته محليا قوات أبو ظبي مع الميليشيات السلفية يشير بوضوح إلى سياسة مشوشة وقصيرة النظر . ومع ذلك ، يوصف هذا الوضع أحيانا ( خاصة من قبل الأوروبيين ) بأنه جزء من تصميم جيوسياسي إماراتي كبير يقوم على التكامل الاقتصادي والمصالحة . هذه الاستراتيجية ، التي تفتقر بشكل فريد إلى الفروق الدقيقة ، تنشئ الكثير من الأعداء الذين يقع اتهامهم بطريقة مبهمة بأنهم اتباع لتركيا أو قطر ، مما يولد الاستياء والعنف . من ناحية أخرى ، يأتي استمرار الخلاف داخل التحالف في الوقت الذي يبدو فيه أن الولايات المتحدة مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي ، مدركة للحاجة الملحة إلى عدم التحدث علانية ، ورفض القيام بدور الحكم في هذا الصراع ، وفي إعادة تشكيل المنطقة .
إن استراتيجيات القادة السعوديين والإماراتيين لا تولي سوى القليل من الاهتمام للمدنيين اليمنيين . لكن الثلاثين مليون يمني المعرضون للخطر يذكرونهم بذلك ، سواء من خلال الهجرة أو من خلال ما يسمى الحرب والدمار . إن الانهيار الاقتصادي والصحي للمجتمع اليمني ، الذي تفاقم بفعل وباء کورونا ، والذي أسفر عن وفاة أكثر من سبعين طبيبا بين أبريل / نيسان ونوفمبر / تشرين الثاني 2020 - لن يترك سكان شبه الجزيرة العربية سالمين .
لقد اهتزت الممالك الخليجية ، بفعل تقلبات عائدات النفط ، والتوقعات الجديدة لرعاياها وتحدي المناخ ، وعليها المحافظة على علاقتها المترابطة مع اليمن من خلال بناء افق علاقة جديدة ومختلفة عن الخيار العسكري . طرحت السعودية حججا كثيرة في عدوانها على اليمن علها تجنب نفسها المسؤولية الدولية عما سببته هذه الحرب من ويلات ، دفع ثمنها ولا يزال الشعب اليمني ، واعتمدت على ما أسمته خطر التمدد الإيراني ونشوء قوة يمنية شبيهة بحزب الله في شبه الجزيرة ، كذريعة بتمديد أمد الحرب وسياسة العدوان . لكن ما لم تحسب له السعودية حساب هو حالة الاستنزاف التي وصلت إلى حد لم تعد أي قوة مهما امتلكت من مقومات عسكرية ومادية ، قادرة على تحمله . لقد خسرت السعودية كل مراهناتها ، واليوم باتت السعودية المتهم الأول بكل الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت .

1.اسباب وقف الحرب
▪︎الفشل السياسي :
• لم تحقق هذه الحرب أهدافها ، ولكنها سببت مأساة انسانية دفع ثمنها الشعب اليمني مع تدمير للبنى التحتية وهذا كان سببا من الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية للتراجع عن دعم تحالف العدوان وطرح في الكونغرس مناقشة حول ضرورة اتخاذ تدابير وإجراءات تخدم المصالح الأمريكية لوقف الحرب

• فشل الصفقة السعودية الاماراتية التي كانت تقتضي تقاسم النفوذ والسلطة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019 ( المعروفة باسم اتفاقية الرياض ) .

• فشل خطاب الأمم المتحدة حول الحلول التفاوضية ، في الوصول إلى نتائج تخدم مصلحة اليمنيين وتنهي المأساة التي تسببت فيها دول العدوان .

• فشل إدارة ترامب في سياستها في الملف اليمني من خلال قرارها تصنیف حركة أنصار الله وقادتها بالإرهاب مما سيتسبب في إعاقة محادثات السلام المفترضة والجهود الانسانية في اليمن : يقول جون التيمان الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن " يشكل الحوثيون تحديا ، فهم يشكلون تهديدا ، لكن تصنيفهم كإرهابيين يؤدي إلى الكثير من المخاطر ولن يحقق إنجازا حقيقيا .

• فشل المعارك السياسية التي خاضها التحالف ضد حركة انصار الله مع فشل اتفاق ستوكهوم واتفاق الحديدة .

الاستنزاف العسكري دون تحقيق النتائج المرجوة :

▪︎ فشل الحملة العسكرية في تحقيق أهدافها والمتمثلة في القضاء على حركة أنصار الله وضرب البيئة اليمنية المقاومة للعدوان ، حيث لم تحقق هذه الحملة سوى نسبة عالية من الخسائر المدنية وتدمير للبنية التحتية ، فقد قدرت إحدى المنظمات التي تمولها الولايات المتحدة وأوروبا ، اعتبارا من نوفمبر 2020 ، مقتل أكثر من 130،000 يمني منذ عام 2015.

▪︎ الصراع السعودي - الإماراتي على مناطق النفوذ والذي أدى إلى تعقيد الوضع وربما يعد من الأسباب التي أجبرت السعودية على القبول بمبدأ وقف الحرب والتفاوض مع حركة أنصار الله .

_انهيار حلفاء السعودية والامارات:

✓ خسارة حكومة هادي لمساحات واسعة ، ابتداء من مديرية نهم شرق صنعاء ، وصولا إلى مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف قرب الحدود السعودية
✓ عدم تحقق تطلعات المنطقة الجنوبية لتصبح دولة مستقلة
✓ تراجع ما يسمى بالشرعية إلى صحراء خب والشعف ، آخر معاقلها في محافظة الجوف ، مع إمكانية خسارتها لمحافظة مأربد الغنية بالنفط والغاز التي من المتوقع تحررها من ايادي قوى العدوان ومرتزقتهم قريبا .
✓ السيطرة العسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي على عدن ، والتي لن تحقق السلام لليمن .

- الانقسام في اليمن أصبح أمرا واقعا : والذي كان من المفترض أن يخدم مصالح قوى العدوان على اليمن ، كان من بين الأسباب الأساسية التي أفشلت مشاريع السيطرة الكاملة على اليمن .
- تراجع التأييد الداخلي السعودي بعد أن طالت العمليات العسكرية وتشتتت أهدافها وأصبحت غير مفهومة لدى الغالبية العظمى ممن أيدها .
- فشل السعودية في حماية منشاتها الحيوية والنفطية من خطر الصواريخ البالستية الحوثية .
- العيب الديمغرافي الذي تعاني منه الامارات ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي والذي خلق اختلالا في مجتمعات هذه الدول ، وأدى إلى تداعيات داخلية وخارجية على الأمن القومي ، لأن كل دولة ، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ، تحتاج إلى توظيف بيروقراطي في مؤسساتها العسكرية والأمنية

- تواجه الامارات ، مشكلة توفير القوة البشرية اللازمة لمهمة عسكرية موسعة . ولهذا اعتمدت في عملياتها على مرتزقة أجانب في حربها في اليمن . يشار إلى أن الامارات لديها علاقات واسعة مع ضابط البحرية الأمريكية السابق إريك برينسي مؤسس مايستي أكاديمية لبلاكووتر سابقا ) . كما تتحدث التقارير عن ندرة الضباط الإماراتيين في القوات المسلحة . ولعل ما جعل المهمة العسكرية الإماراتية في اليمن أكثر صعوبة هو الهجوم الصاروخي المكلف الذي شنه الحوثيون على قاعدة إماراتية في مأرب عام 2015 ، وقتل فيه عشرات الجنود .

- العمليات الإماراتية في اليمن لم تفلت من التدقيق والنقد . كانت هناك تقارير عن سجون سرية في جنوب اليمن تديرها الإمارات أو كيانات تدعمها . كما تود الإمارات إضافة مناطق من محافظة تعز إلى محافظة عدن استعدادا ليمن فيدرالي مستقبلي ، يعتقد أنه حل لقضية انفصال الجنوب . يمكن أن توضح هذه النقطة الأخيرة الخطط الإماراتية متوسطة وطويلة المدى لتولي موقف إيجابي فيما يتعلق بمناطق الدولة التي تمتد من الشرق ، على ساحل بحر العرب ، إلى الغرب على خليج عدن ، وشمالا باتجاه المخا . على البحر الأحمر .

- لا يبدو أن المملكة العربية السعودية قلقة من المنافسة التي يمثلها بن زايد والإمارات للمصالح السعودية في خلیج عدن أو البحر الأحمر . - إن ما تجنية الإمارات حقا في اليمن قد يعرض المملكة السعودية بشكل مباشر لتداعيات استراتيجية غير مرغوب فيها وغير مبررة ، وبشكل أساسي تمدد إماراتي على منطقة ذات أهمية حيوية للأمن القومي السعودي .

فشل سعودي - اماراتي مقابل ردع استراتيجي فاعل لحركة أنصار الله

قدرات صاروخية عالية باتت في يد المقاومة اليمنية ( حركة أنصار الله ، الجيش واللجان الشعبية ) ، غیرت المعادلة وافشلت القدرة العسكرية لقوى العدوان : ( استخدم الحوثيون أسلحة بعيدة المدى لاستهداف البنية التحتية للدفاع والطاقة السعودية الحساسة ) حيث أصبحت تمتلك القدرة على :

✓ حماية السلاح الاستراتيجي وعلى تصنيع وتطوير بعض الصواريخ .

✓ حماية الصواريخ من خطر التدمير في الوقت التي بدأت هذه الصواريخ قادرة على اصابة القواعد العسكرية الاستراتيجية في جنوب السعودية وصولا الى عمق الوسط على مقربة من الرياض .

✓ امتلاك بنك اهداف استراتيجية قادر على تغيير المعادلات فيما هو أبعد من اليمن واراضيه او جيرانه .

_ جغرافيا متحركة لم تعد في مصلحة الولايات المتحدة وحلفاءها :

- خلق تمدد المقاومة اليمنية لحركة أنصار الله ووصولها إلى باب المندب مخاوف جيواستراتيجية لدى صانعي القرار الأمريكيين الذين يرونه تهديدا للمصالح الأمريكية أولا من خلال ما يمثله من خطورة على الملاحة البحرية وطريق تحرك السفن .

- حركة المرور في البحر الأحمر أصبحت تحت مرمى الصواريخ الباليستية اليمنية وهذا يشكل خطرا وتهديدا الأمن اسرائيل والمصالح الغربية .

- الصراع السعودي - الإماراتي عطل الجهود الامريكية - الصهيونية الغربية عن بناء جبهة أكثر قوة ووحدة لمواجهة إيران ووكلاتها

- لم تنجح القوى الدولية في محاولاتها لوقف الصراع على مضيق باب المندب بين الفرقاء الإقليميين يهدد التجارة الدولية .

- أسست الإمارات موطئ قدم استراتيجي عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر مع تزايد التباين بين استراتيجيات السعودية والامارات في اليمن .

2. مكتسبات قوى العدوان من وقف الحرب وحلفائها
• ما الذي ستكسبه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيون من وقف الحرب في اليمن ؟

_ تغير السياسة الخارجية الإدارة بايدن الجديدة : دبلوماسية نشطة وذهاب نحو الحلول والتهدئة

من منظور الأمن القومي ، أعرب وزير الدفاع السابق جیمس ماتیس ومسؤولون في البنتاغون على مدى السنوات العديدة الماضية أن حرب اليمن لن تنتهي بانتصار أي من الجانبين . وبدلا من ذلك ، حذروا من أنه من المرجح أن تتوسع ، مما يعرض دول الخليج نفسها للخطر ويهدد بجر الولايات المتحدة إلى حريق إقليمي أوسع . سعی ماتیس خلال فترة عمله وزيرا للدفاع إلى استخدام نفوذه للمساعدة في إنهاء الحرب . غالبا ما ينسب إليه الفضل في بدء محادثات السلام في ستوكهولم ، بوساطة مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث في نهاية عام 2018. ومع ذلك ، لم يكن ماتیس ، مهتم باستثمار الكثير من الطاقة في إنهاء الحرب . من جانبه ، افتقر جريفيث إلى دعم القوة العظمى الذي يحتاجه للنجاح في مهمته . هذا هو المكان الذي يمكن أن تلعب فيه إدارة بايدن دورا قادما.

- محاولة لملمة الوضع الإنساني ، واحتواء الأزمة من خلال جلب الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات ، وبالتالي الخروج من مأزق تحمل المسؤولية في صراع دمر اليمن وتسبب في خسائر بشرية في انتهاك صارخ لكل القوانين والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني .

- تجدد التركيز على اليمن ، والاتفاق على وقف إطلاق النار كخطوة أولى عاجلة ، حيث أن التكلفة البشرية لمأساة اليمن عالية بشكل مرعب وتستمر في الارتفاع .

- بالنظر إلى التوترات في الخليج ، والى احتمالية الدخول في صراع طويل الأمد مع إيران ، ولو كان غير معلن حالياء فإن انهاء الصراع في اليمن واخراجها من ساحة المواجهة المحتملة مع إيران يعد هدفا استراتيجيا أمريكيا قد تزداد أهميته مع مرور الوقت .

- وضعت إدارة بايدن عدة التزامات مرتبطة بالملف اليمني وهي :

▪︎تولي دور قيادي في الجهود الدبلوماسية لحل الحرب الأهلية في اليمن يمكن أن يوفر " بداية جديدة " العلاقات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط .

▪︎ادارة محادثات السلام التي تعقب وقف إطلاق النار مباشرة من قبل إدارة بايدن .

▪︎يجب الحصول على الموافقة من التحالف العربي بقيادة السعودية ووكلاءها في الداخل اليمني للإشراف على المفاوضات .

▪︎ تمويل خطة إنقاذ عاجلة وتنفيذها تحت رعاية المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني :

✓ العمل على مواءمتها مع احتياجات مناطق اليمن المختلفة .

✓ أن تكون حافزا إضافيا للأطراف المتحاربة للتوصل إلى شروط سريعة للاستفادة من إعادة تطوير اليمن .

✓ أن تتضمن عناصر الحكم الرشيد وخطة قوية لمكافحة الفساد ، والتي يمكن أن تعيد الشباب المتعلم الذين فروا من البلاد والذين ستكون خبراتهم في حاجة ماسة للمساعدة في إطلاق اليمن الجديد .

_ الاعتماد على إمكانية العودة للتفاوض الأمريكي - الإيراني والذي يعتبر الأمريكي أن الملف اليمني جزءا أساسيا منه .
- سيساعد حل النزاع اليمني على إعادة تركيب بقية أجزاء أحجية الشرق الأوسط وفقا للمصالح الامريكية والغربية في المنطقة .
_ تعتمد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل أساسي على الاستقرار في الخليج . فالموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن - الحلفاء الرئيسيون للولايات المتحدة والممرات المائية الهامة للتجارة العالمية - جنبا إلى جنب مع وجود جهات فاعلة من غير الدول ، سواء الجماعات المدعومة من إيران أو الجهاديين السنة ، تهدد مصالح الولايات المتحدة ، قد لا يخدم حل الحرب الأهلية في اليمن هذه المصالح فحسب ، بل قد يساعد أيضا في إنهاء أسوأ أزمة إنسانية في العالم .

_ معالجة الأزمة الإنسانية اليمنية التي حملت الإدارة الأمريكية والغرب مسؤولية الانتهاكات الجسيمة الحاصلة بحق المدنيين العزل :
- محاولة أمريكية - غربية للتغطية على اليات الدعم العسكري وصفقات بيع الأسلحة (الكثير منها محرم دوليا ) التي قامت بها هذه الدول مع قوى العدوان وعلى رأسها السعودية والامارات .

• ما الذي ستكسبه قوى العدوان السعودي الاماراتي :

- الخروج من مستنقع الحرب الذي استنزف تحالف العدوان بقيادة السعودية ، وأفقدها القدرة على اعلان انتصار لم ولن يتحقق ، او التراجع والاستسلام ، والقبول علنا بالهزيمة .

- محاولة البحث عن مخارج سياسية بدلا من المخارج العسكرية التي فشلت في تحقيق الأهداف المرجوة التي تخدم مصالح قوى العدوان

- التركيز على ورقة تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب بما يجعله أمرا واقعا يضعف اليمنيين ويسقط أي مبادرة الوحدة الصف اليمني ووحدة أراضيه وشعبه .

- الحرص السعودي في أي مبادرة تفاوضية على ضمان انشاء منطقة معزولة السلاح على حدودها تهدف من خلالها لحماية أمنها من الصواريخ الحوثية .

- الاعتماد على الوكلاء المحليين والعملاء كبديل على الأرض ، للقيام بعمليات امنية ، وانتقامية لإرباك الساحة الداخلية اليمن ، وخلق بؤر للفتنة .

- التمسك بورقة المساعدات الإنسانية واستخدامها كأداة ضغط في أي مبادرات للمفاوضات المستقبلية .

• العوامل المؤثرة
بحسب المحللين الغربيين سيتطلب إنهاء الحرب استراتيجية معقدة تتعامل مع المستويات الثلاثة

< العامل السياسي : داخليا
- المحافظة على ميزان القوي في اليمن ، على الرغم من تجزئته ، بين ثلاث كتل رئيسية .

- من الأمور الحاسمة لكل وسيط قوي في أي اتفاق سلام نهائي هو الحدود السياسية لمنطقته ، والتي تم التفاوض عليها دون جدوى في عام 2013 ، تود جميع الكتل تضمين منشآت النفط والغاز الطبيعي في شبوة والمسيلة في منطقة نفوذها .

< العامل الإقليمي
- جغرافية اليمن ، باعتبارها امتدادا طبيعيا لشبه الجزيرة العربية مع شواطئ على بحر العرب والبحر الأحمر ، تغري المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بمتابعة مصالحهما التجارية الوطنية هناك . يوفر القرن الأفريقي طريقة لخط أنابيب نفط سعودي محتمل من حقول نفطها مباشرة إلى بحر العرب .

- أثار الوصول إلى الموانئ في عدن وأرخبيل سقطرى عند مدخل البحر الأحمر اهتماما كبيرا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة لسنوات . هذه محطات تمتد على طول ممر الشحن من دبي إلى البحر الأحمر وقناة السويس وإلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا . ويأتي هذا استكمالا لاهتمام الإمارات ومشاركتها المتزايدة في منطقة القرن الأفريقي ، وخاصة إريتريا وجيبوتي.
- قد يكون من الصعب الحصول على تعاون التحالف العربي في إنهاء الحرب ، بالنظر إلى الدوافع والمصالح المتضاربة . ومع ذلك ، فإن الالتزام السعودي بإعادة تشكيل اليمن بالشكل الذي يناسبها كان عميقة ومكلفة بالنسبة للمملكة ، ربما يكون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد استنزف كل موارد الدولة ، مما أدى إلى تخفيضات في الميزانية على مدى العامين الماضيين . ربما شعرت القيادة الإماراتية أيضا بأنها ممتدة بشكل مفرط في اليمن ، مما أدى إلى انسحاب معظم قواتها في عام 2019 ، على الرغم من أنها تركت وراءها ميليشيات جنوبية مدربة ومجهزة للعمل نيابة عنها .

- بالنظر إلى هذه الحقائق ، فإن إقناع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالتعاون في جهود السلام في اليمن من شأنه أن يشمل على الأرجح وعودهما بما يحتاجون إليه وليس ما يريدون .

من الواضح أن كلا البلدين يجب أن يكونا جزءا من اتفاقية الأمن البحري لمضيق هرمز والقرن الأفريقي .

- غالبا ما يفترض الخوف من إيران - سواء أكان حقيقيا أم متخيلا أم مفتعلا - على أنه الدافع الأول لاستخدام القوة في اليمن من قبل التحالف العربي ، يجب أن يشمل الحوار الأوسع بين الولايات المتحدة وإيران - افتراض موافقة الطرفين على العودة إلى المفاوضات بشأن الاتفاق النووي - دول مجلس التعاون الخليجي حتى يمكن رفع القضية مباشرة إلى ذلك المنتدى .

- يمكن أيضا إقناع الشريكين العرب في التحالف بالانضمام إلى اتفاقية عدم اعتداء متبادلة مع إيران ، بوساطة الولايات المتحدة .

- تشعر القيادة السعودية بالقلق ، بشأن الهجمات الصاروخية المستمرة من شمال اليمن ، يمكن لاتفاقية سلام نهائية في اليمن أن تتضمن بالتأكيد اتفاقية عدم اعتداء مع جيرانها - وربما تكون إضافة منفصلة لاتفاقية داخلية بين الخصوم اليمنيين الرئيسيين .

- إن العمل من خلال وكلاء مسلحين للسعودية والامارات في دولة منقسمة لن يحمي أبدا المصالح الأمنية والاقتصادية لهذه الدول كما تفعل الاتفاقيات التجارية - المدعومة بترتيبات أمنية دولية - مع دولة مسالمة ومستقرة .

< العامل الدولي :
أصبحت مصالح السعودية والإمارات وإيران ، ناهيك عن الولايات المتحدة وأوروبا ، متشابكة الآن مع المصالح المحلية . يجب إشراك الجهات الفاعلة الدولية ، بما في ذلك مصدري الأسلحة الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم من مصدري الأسلحة في اتفاق لإنهاء الحرب من خلال وقف اختياري لتصدير الأسلحة إلى المنطقة - على الأقل أثناء محادثات السلام الجديدة . يجب أن يبدأ النهج اليمني الذي يشمل جميع أطراف النزاع بالتزام من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالسعي بنشاط إلى إنهاء الحرب ، بدءا بالتضحية بالإيرادات من مبيعات الأسلحة ثم يليها قرار جديد لمجلس الأمن بالإجماع يقضي بجهد دبلوماسي منسق من أجل السلام في اليمن .

< اليمن ما بعد الحرب

الملف اليمني أصبح في وضعه الحالي شبيه ملف المقاومة في لبنان ما بعد انتصار تموز 2006 :

▪︎على المستوى العسكري بالنظر إلى المكتسبات التي تحصلت عليها المقاومة بعد الصمود أثناء وبعد الحرب . وظهور اشكالية نزع السلاح .

▪︎على المستوى السياسي : دور المقاومة في الداخل ومشروع بناء الدولة ، والعراقيل التي وضعت لمحاصرة المقاومة وتقويض الانتصار .

▪︎على مستوى اعادة الاعمار وحماية بيئة المقاومة واعادة ترميمها في تحدي لكل محاولات الحصار والعرقلة لتداعيات الانتصار داخليا واقليميا.

- أصبح اليمن بفضل مقاومته وأدوات الردع التي تمتلكها ، أحد أخطر الأوراق التي بإمكان محور المقاومة تحريكها لتهديد إسرائيل.

- يعتبر الأمريكي أن أكبر اخطاء الحرب على اليمن التي قادها السعوديون والاماراتيون ( بدعم امريكي -صهيوني غربي ) ، أنها منحت اليمنيين شرعية التسلح واكتساب ادوات الردع وهذا أخطر ما في الملف .

- من المتوقع أن يعمل الأمريكي على الملف اليمني سياسيا ودبلوماسيا ، وان يتولى البريطانيون الملف أمنيا ارتباطا بتاريخية المنطقة التي كانت دوما تحت السلطة البريطانية والتي تمتلك أدوات تمكنها من لعب دور مشبوه يعمل على تشويه المكون البشري والاجتماعي والثقافي المقاوم في اليمن وزعزعته- وهو الذي تبلور منذ بداية العدوان على اليمن- وفصله عما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة واعادة تموضعه في إطار يتنافي ومقومات النفس المقاوم.

- الحل السياسي هو الخيار بالنسبة الأمريكي ، لهذا سيفرض انضباط إسرائيليا وسعوديا تحت أجندته ويترك البريطانيا العمل على سياساتها المعروفة وهي اللعب بالعقل والضمير الجمعي لليمنيين . تبدو هذه المسالة محاولة لاحتواء وتعليب الملف اليمني لمواجهة النفس الجديد الذي تبلور بعد العدوان السعودي والذي أنشأ قوة مواجهة جديدة مطلة على البحر الاحمر ومهددة لأمن اسرائيل ومنخرطة في مشروع ازالة اسرائيل من الوجود . أحد أكبر انجازات حقبة ترامب كانت اغتيال الحاج قاسم سليماني والتي اعتبرتها الادارة الامريكية محاولة لقطع أحد الأذرع الأساسية لمحور المقاومة وتعطيل مسارها في المنطقة ، اليوم تبدو الادارة الجديدة بقيادة بایدن مستمرة في نفس الخيار ولو بأساليب مختلفة ظاهرها دبلوماسي وتفاوضي ، في محاولة للقضاء على أحد المكونات الأساسية الأخرى المحور المقاومة في اليمن ومحاصرته . هذا المكون اليمني المقاوم الذي بات اليوم أمرا واقعا يمتلك قدرات وادوات ردع فاعلة وذكية ، قادرة على تغيير خارطة المواجهة ومسارها الاستراتيجي .

- تبدو التحركات الامريكية في ظاهرها دبلوماسية تبحث عن حل سياسي من منطلق وقف إطلاق النار ، لكنها تعد من أخطر المسارات نظرا لخطورة الملف اليمني بما يمثله من ساحة حساسة في استراتيجية تطويق إسرائيل وتهديدها جنوبا .

- الحل بالنسبة الأمريكي هو استدراك النتائج الكارثية لعدوان ال سعود على اليمن ومحاولة مواجهة أي بناء او تأسيس الجيل يمني جديد مقاوم يحمل ادوات وأساليب مواجهة دقيقة للمشروع الأمريكي - الاسرائيلي .

- يبدو المسار غير واضح حاليا ولكن هناك فرضية قابلة للنقاش تؤكد بان الحركة الامريكية اليوم الهدف منها هو نزع سلاح اليمنيين . ولكن العمل السياسي والأمني المفترض أدارته في المرحلة المقبلة والذي تعمل الادارة الأمريكية على بلورته ، قد يغني عن الدخول في مواجهة لنزع سلاح اليمنيين . فما لم يؤخذ في الحرب وبقوة السلاح ، قد ينتزع بالسياسة والتفاوض حسب المفهوم الأمريكي .

1 - معالجة تداعيات الحرب إقليميا / دوليا :

• دور اليمن كقوة فاعلة في محور المقاومة :

✓ تشكل اليمن رأس حربة في محور المقاومة والممانعة في المنطقة في مواجهة المشروع الأمريكي - الصهيوني ، وهذا بالتأكيد موقف يزعج دول الجوار ويهدد مصالحهم كما المصالح الامريكية الصهيونية .

✓ سيبقى اليمن بأهميته على المستوى السياسي والعسكري والجغرافي مصدر تهديد للمصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية خاصة فيما يتعلق بالملاحة البحرية والامن البحري ( حرية النقل البحري ).

✓ ما يشكله اليمن من أهمية استراتيجية بفضل القدرات الصاروخية للمقاومة اليمنية التي باتت تمتلك بنك اهداف ، إضافة إلى الحرفية في حماية السلاح الاستراتيجي ، وتصنيع وتطوير بعض الصواريخ القادرة على اصابة القواعد العسكرية الاستراتيجية في جنوب السعودية وصولا الى عمق الوسط على مقربة من الرياض .

✓ اليمن قوة رادعة فاعلة في محور المقاومة وفي أي مواجهة مستقبلية مع اسرائيل في المنطقة


• دور حركة أنصار الله في بناء مستقبل اليمن :

✓ أصبحت حركة أنصار الله ، قوة عسكرية فاعلة تمتلك من القدرات ما يؤهلها لان تكون فاعل إقليمي ذو تأثير مباشر على أي متغيرات إقليمية مرتبطة بجغرافيا المنطقة ( مضيق باب المندب / البحر الأحمر ) ، او السياسات والتوجهات الاستراتيجية ( رأس حربة في محور المقاومة في المنطقة ومواجهة مشاريع التطبيع مع الكيان الصهيوني ) . هذا أخطر ما يحصل الان على الساحة اليمنية من وجهة النظر الامريكية والصهيونية والتي ستعمل جاهدة على محاولة كسر هذه القوة بكل الوسائل نظرا لما تمثله من تهديد الأمن إسرائيل .

✓ الهاجس الوحيد الذي سيبقى حاضرا في الذهنية السعودية هو سيطرة الحوثيين على الحدود الجنوبية للسعودية وعليه سيكون المطلب الأساسي للسعودية قبل الدخول في أي تفاصيل تفاوضية أخرى هو اعلان هذه المنطقة ، منزوعة السلاح واجبار حركة أنصار الله على الابتعاد عنها تحت رعاية قوات دولية مشتركة من الأمم المتحدة تحت عنوان حماية قرار وقف إطلاق النار .

✓ ارتباطا بالدبلوماسية النشطة التي اتخذها بادين كأساس لسياسته الخارجية وسياسة ادارته في حل النزاعات ومواجهة التعقيدات في مختلف الملفات العالقة في المنطقة ، من الضرورة التمسك بالثوابت والتحضير لمبادرة تفاوض تحمل كعنوان أساسي لها وقف الحرب وفك الحصار على الشعب اليمني وفتح المعابر الحدودية لكل المساعدات الإنسانية بدون استثناء ولكل المناطق ، ثم المشاركة في مفاوضات سياسية وفرض عناوین تخدم مستقبل اليمن - اليمن المنتصر في مواجهة قوى العدوان المهزومة .

✓ عدم السماح باي مقايضة تفرض شروطا على اليمنيين على قاعدة فك الحصار مقابل نزع السلاح .

• فرض التقسيم كأمر واقع لإضعاف اليمن وانهاکه

✓ شكل اليمن الجغرافي والسياسي بعد وقف الحرب : من المتوقع أنه إذا انهار اليمن مرة أخرى في المستقبل ، فإن الإمارات العربية المتحدة ستكون تلقائيا القوة المهيمنة في الجنوب . بعد المساعدة في إنشاء الميليشيات الجنوبية وتشجيع القادة الانفصاليين الجنوبيين على الانفصال عن صنعاء ، قد يكون هذا أمرا واقعا .

✓ قد تبدو السعودية ممتعضة من النفوذ الإماراتي ، خاصة في الجنوب ، ولكنها عمليا لا تعارض ذلك لان اهداف الحرب هي نفسها بالنسبة للطرفين وان اختلفت الأساليب .

✓ تبدو الاستراتيجية الإماراتية أكثر دقة وفاعلية وعليه ، من الضروري مراقبة تحركاتها ومشاريعها والأطراف المتعاونة معها محليا لما تشكله هذه الاجندة من خطورة على مستقبل اليمن ودوره في المنطقة .

✓ سيكون من الصعب مواجهة مشروع التقسيم ولكن من الضروري العمل على عرقلة أهدافه وعدم إعطاء فرصة لاي طرف إقليمي أو دولي الحق في الاستفادة منه .

2 - معالجة تداعيات الحرب داخليا :

• التكيف مع التغيير وإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع اليمني :

✓ ضرورة انشاء سياسة فاعلة في مجال الرعاية الاجتماعية ما بعد الحرب .
✓ تحصين البيئة الشعبية الحاضنة من أي اختراقات قد تعقد أي إنجازات او إصلاحات ومشاريع إعادة اعمار.

✓ اتخاذ إجراءات واعداد مخططات وبرامج ضمن فرق عمل من الخبراء لتعزيز الصحة البدنية والرفاهية النفسية والمساواة الاجتماعية.

✓ اتباع عملية تدريجية لإعادة التكيف الفردي والجماعي مع الظروف الاجتماعية والسياسية في فترة ما بعد وقف الحرب .

✓ الحرص على إعادة الاعمار في العديد من المجالات ( بنية تحتية ، صحة ، تعلیم ، خدمات اجتماعية ... ) ضرورية من اجل إعادة تأسيس الشعور بالأمان ولتعزيز العلاقة بين المقاومة اليمنية وبيئتها الشعبية الحاضنة.

✓ استعادة الاستقرار الاقتصادي والغذائي والتعليم وتعزيز الرفاهية النفسية والروحية .

✓ التأكيد على مركزية الأسرة في أي خطط ما بعد الحرب الإعادة البناء الاجتماعي : فالهدف المنشود هو استعادة الأرض التي فيها يمكن للعائلات أن تعيش معا في سعادة وطمأنينة وفي إحساس بالأمان .

✓ تقديم سلسلة من المبادرات والإصلاحات التشريعية المصممة لإعادة بناء المدن والمناطق التي دمرتها القنابل ، لاستعادة الرفاهية النفسية والجسدية ، وتعزيز الحياة الأسرية وخلق هامش مهم من الثقة بين المقاومة والبيئة الشعبية الحاضنة.

✓ المرونة في مواجهة تحديات ما بعد الحرب ، وإعادة تشكيل محددات الاستقرار المحلي .

✓ احتواء ما يسمى " بالجيل الانتقالي " ، من نساء ورجال واجهوا بوضوح مجموعة معينة من الضغوط والتوترات الجديدة التي أثرت على حياتهم بشكل مباشر والتي من الضروري معالجتها .

✓ التأقلم مع ذكريات الصراع ، والكفاح من اجل التكيف مع أنماط العمل والحياة الجديدة ومع الظروف المتغيرة وإعادة العلاقات مع الأسر وفيما بينها والتي تعطلت بسبب الحرب.

✓ انشاء اليات وأدوات فاعلة لمقاومة كل أنواع الفتنة الداخلية والتمرد والفوضى التي يمكن أن تخلق جو من عدم الثقة بين حركة أنصار الله والبيئة الشعبية .

• انشاء قيادة سياسية واعية وفاعلة قادرة على التكيف مع متغيرات ما بعد الحرب :

✓ التركيز على وحدة اليمن ووحدة أراضيه والتأقلم مع بقية الأطراف اليمنية والعمل على خلق أرضية مشتركة تتجاوز فيها الخلافات السياسية الضيقة ، لأجل مصلحة اليمن والشعب اليمني .

✓ قيادة المصالحات مع الأطراف اليمنية الاخرى بصبر وحكمة تخدم مصالح اليمن والشعب اليمني ، تبني دبلوماسية ذكية متماسكة لمواجهة كل أنواع الضغوط والتهديدات .

✓ الحرص على توحيد الرؤى والمصالح ، خدمة للدولة اليمنية وللشعب اليمني .

✓ المحافظة على التوازنات السياسية والاجتماعية ( القبلية )الداخلية .

✓ مواجهة المشاريع الامريكية والغربية التي تستهدف البنية السياسية والاجتماعية للشعب اليمني التقسيمه واضعافه والقضاء على أي مقومات للقوة اكتسبها الشعب اليمني في صموده طيلة سنوات العدوان .

✓ استثمار الانتصار الذي تحقق في مواجهة قوى العدوان بالشكل الذي لا يسمح للقوى الخارجية باختراق الساحة اليمنية واستغلال هشاشة بنيانها بسبب الحرب .

• هشاشة الوضع الاقتصادي

✓ ترتبط معالجة هشاشة الوضع الاقتصادي بالحل التفاوضي والنتائج السياسية التي من الممكن أن تنجر عن هذا المسار ، وعليه يبقى هذا المجال مجمدا حاليا ، إلى حين الوصول إلى حلول واقعية تساعد اليمنيين على الخروج من هذه الأزمة ومواجهة تداعياتها السلبية .

✓ مشاريع إعادة الاعمار في اليمن والتي من المؤكد أنها ستكون محل تجاذبات سياسية داخليا وإقليميا ودوليا .

✓ قد يكون لبعض الإجراءات قصيرة المدى دور في معالجة بعض الإخفاقات او نقاط الضعف ، لكنها بالتأكيد لن تؤدي الى حلول نهائية طالما لم تكن مرتبطة برزنامة سياسية واضحة تعيد تشكيل الدولة اليمنية ومؤسساتها .

 

المصدر :مركز الإتحاد للأبحاث و التطوير

اشتراک گذاری
تور پاییز ۱۴۰۳ صفحه خبر
بلیط هواپیما تبلیغ پایین متن خبر
برچسب منتخب
# قیمت طلا # مهاجران افغان # حمله اسرائیل به ایران # ترامپ # حمله ایران به اسرائیل # قیمت دلار # سردار سلامی
الی گشت
قیمت امروز آهن آلات
نظرسنجی
به نظر شما رژیم اسراییل به توافقنامه آتش بس با لبنان پایبند می ماند؟